الحراسة القضائية والحارس القضائي في مكتب المحامي محمد اليزيدي
يعد القضاء من أشرف علوم الشريعة الإسلامية لأنه يضم الأصول والقواعد والفروع ويلجأ إليه الناس لرد حقوقهم وفي العصر الحالي أصبح يوجد لكل دولة جهاز قضائي رسمي بها ويعد القضاة به من أصحاب المهن الحرة وأهل الخبرة، ويلجأ الأفراد إلى القضاء والمحاكم في الوقت الحالي بسبب كثرة النزاعات والمطالبة بالحقوق، ولكن يوجد بعض الحقوق تحتاج إلى السرعة لردها، فأصبح القضاء العادي ذي الصبغة المتأنية والمتروية لا يستجيب لتلك المتطلبات بسرعة ولهذا ظهرت الحاجة إلى القضاء المستعجل، ومن أهم صور القضاء المستعجل ورأس تطبيقاته العملية المعاصرة هي الحراسة القضائية كإجراء إستعجالي قضائي يتميز بالجدة والأصالة ولها آثرها الواسع في أمن الناس على أموالهم وحقوقهم، والحارس القضائي يعد من رجال القضاء وأعوانه، ولأهمية الحراسة القضائية أعتني بها المنظم السعودي بشدة وذكرها في نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 1) بتاريخ 22/1/1435 هجرياً.
القسم الأول : مفهوم الحراسة القضائية في مكتب المحامي محمد اليزيدي
الحراسة لغة من حرس الشيء ويحفظه،
واصطلاحاً هي القيام بما يصلح الشيء ويضمن استمراريته، وتعرف في الفقه القانوني بأنها نيابة يوليها القاضي بإجراء مستعجل ووقتي يأمر به بمقتضى نص في القانون، بناء على طلب صاحب المصلحة، إذا رأى القاضي إنها إجراء ضروري للمحافظة على حقوق أصحاب الشأن، ويعهد القاضي للحارس،
بموجب هذا الإجراء بمنقول أو عقار أو مجموع من الأموال لحفظها وإدارتها يردها مع غلتها المقبوضة، لمن يثبت حقه فيها، وقد يعهد القاضي إلى الحارس بتحقيق المال وتصفية وتوزيع ما ينتج منه على أصحاب الحق فيه.
لقد عرفت اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية السعودي الحراسة القضائية في المادة 211/1 الحراسة هي وضع الأموال المتنازع عليها تحت يد أمين تعينه الدائرة إن لم يتفق على تعيينه ذوو الشأن.
ويلاحظ من هذا التعريف الذي ورد في اللائحة التنفيذية الآتي:-
أنه لم يوضح أن الحارس القضائي نائب عن القضاء في عمله، ولفظ “التعيين” لا يلزم أن يكون نائباً عن القضاء، لأن مدلول النيابة يختلف عن مدلول التعيين.
عمل الحراسة ليس فقط وضع الأمين يده على المال بل لا بد من حفظ هذا المال من الضرر الخارجي والتلف الداخلي.
التعريف ذكر أحد أسباب وضع الحراسة وهو وجود التنازع على المال في حين أنه يجوز وضع الحراسة عند الخوف من وقوع التنازع.
القسم الثاني :- أركان الحراسة القضائية في مكتب المحامي محمد اليزيدي
تقوم الحراسة القضائية على مجموعة من الأركان التالية :-
النزاع الجدي المبرر لقيام الحراسة القضائية
يكون لقاضي السلطة التقديرية للنظر في الدعاوى المستعجلة والنظر إلى مدى جدية النزاع من خلال مستندات الطرفين والملابسات المحيطة والظروف الموازية للدعوى فيأمر بالحراسة القضائية لأجل حفظ الأموال وحقوق الخصوم بحكم قضائي عاجل، ولقد نصت المادة الثالثة من نظام المرافعات الشرعي السعودي علي “لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة مشروعة، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه.
.1 إن ظهر للمحكمة أن الدعوى صورية أو كيدية وجب عليه رفضها، وله الحكم على من يثبت عليه ذلك بتعزير”
وأنه لطالب الحراسة القضائية الحق في حماية المال المتنازع عليه من الضرر والتلف، وأنه لكل صاحب حق أن يتقدم للمحكمة المختصة بدعوى مستعجلة لحفظ المال.
ركن الاستعجال
يعد الاستعجال في فصل النزاعات والبت في الخصومات هو من المبادئ المقررة في النظام القضائي الإسلامي وهو ما عرف في الدين بالضرورة، ولأن المنظم السعودي يسير على نهج الشريعة الإسلامية وخاصة أن وجود النزاع وتحقق جديته له أهمية قصوى في الحراسة القضائية، حيث تعد من المسائل المستعجلة التي يخشى عليها فوات الوقت وخاصة أن حق المدعى يتعرض للخطر في حين تأخره فإن المنظم السعودي جعل الحراسة القضائية وإجراءات التقاضي فيها من الأمور التي تحتاج إلى السرعة.
الحراسة القضائية هي الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الشيء محل الحراسة
ففقه القضاء وخطط مرافعاته، يوجب على القاضي الإدراك الكافي في تقدير استخدام أي إجراء استثنائي قضائي، بقدر ما يحقق المصلحة ويدفع المفسدة، وعدم التفريط أو حتى التعسف في تقديره، وإلا كان الحكم به- سلبياً أو إيجابياً- محل نقض ونظر، والحراسة القضائية بطبيعتها هي إجراء استثنائي، فيها من الخطورة ما تستوجب تقييد التصرف بالأموال والحقوق المتنازع عليها، فلا تبررها إذن إلا ضرورة ملحة للمحافظة على محل النزاع، عند تحقق نفاد الطرق الشرعية والوسائل القضائية للاستغناء عنها بوسائل وطرق أخرى أقل حدة، فالقاضي المختص حينئذ يصدر حكمه بتعيين حارس أمين لشدة الحاجة إليه.
قابلية الشيء محل الحراسة للوضع تحت الحراسة
حتى يكون الحكم الصادر بالحراسة القضائية جدى، فلابد من أن يكون الشيء محل لحراسة قابلاً للوضع تحت الحراسة أصلاً، وذلك إما بالنظر لطبيعته المالية، أو بمقتضى الظروف المحيطة به.
القسم الثالث:- إجراءات الحراسة في مكتب المحامي محمد اليزيدي
نص نظام المرافعات الشرعي السعودي على نظام الحراسة في القضاء المستعجل والدعاوى العارضة حيث نص في المادة(206) على ” تشمل الدعاوى المستعجلة ما يأتي:
أ – دعوى المعاينة لإثبات الحالة.
ب – دعوى المنع من السفر.
ج – دعوى منع التعرض للحيازة، ودعوى استردادها.
د – دعوى وقف الأعمال الجديدة.
هـ – دعوى طلب الحراسة.
و – الدعوى المتعلقة بأجرة الأجير اليومية.
ز – الدعاوى الأخرى التي يعطيها النظام صفة الاستعجال “
ونص في المادة (211) على ” ترفع دعوى طلب الحراسة إلى المحكمة المختصة بنظر الموضوع في المنقول أو العقار الذي يقوم في شأنه نزاع ويكون الحق فيه غير ثابت، وللقاضي أن يأمر بالحراسة إذا كان صاحب المصلحة في المنقول أو العقار قد قدم من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرًا عاجلًا من بقاء المال تحت يد حائزه، ويتكفل الحارس بحفظ المال وبإدارته، ويرده مع غلته المقبوضة إلى من يثبت له الحق فيه “
والاختصاص النوعي في الحراسة القضائية منعقد للمحكمة ناظرة القضية إذا كان طلب الحراسة طلبا عارضا فَتَنْظُر الدائرة ناظرة الدعوى الأصلية طلب الحراسة ويكون هذا الطلب طلباً مستعجلاً يأخذ أحكام الدعاوى المستعجلة وتفصل فيه الدائرة، أما إذا كانت الحراسة لأموال محجوز عليها انعقد الاختصاص لدائرة التنفيذ حاجزة المال، وفي حال كانت دعوى الحراسة هي الدعوى الأصلية فالاختصاص النوعي ينعقد للمحكمة المختصة نوعاً، فإن كان المال محل طلب الحراسة تركة فالاختصاص لمحكمة الأحوال الشخصية، وإن كان المال محل طلب الحراسة شركة تجارية فالاختصاص للمحكمة التجارية، وإن كان المال عقاراً أو خارجاً عن اختصاص محكمةِ الأحوال الشخصية والمحكمةِ التجارية فالاختصاص للمحكمة العامة ، ولقد نصت المادة(211/3) من اللائحة التنفيذية على ” ترفع دعوى طلب الحراسة للمحكمة المختصة بنظر الموضوع بصحيفة وفقاً للإجراءات المعتادة لرفع الدعوى وتحال للدائرة ناظرة الدعوى أو يقدم مشافهة أو كتابة أثناء الجلسة ، فإن لم تكن هناك دعوى منظورة فتحال حسب التوزيع “
إذاً يتضح من تلك المواد أن دعوى الحراسة من الدعاوى المستعجلة التي ترفع للمحكمة المختصة بنظر الموضوع في المنقول أو العقار الذي يقوم في شأنه نزاع ويكون الحق فيه غير ثابت، وأنه يجوز لقاضي أن يأمر بالحراسة إذا كان صاحب المصلحة في المنقول أو العقار قد قدم الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطراً عاجلاً من بقاء المال تحت يد حائزه، ويتكفل الحارس بحفظ المال وبإرادته ويرده مع غلته المقبوضة إلى من يثب له الحق فيه، ولكن تعيين الحارس يكون بإتفاق ذوي الشأن جميعاً،
وهذا ما نصت عليه (212) من نظام المرافعات الشرعي السعودي حيث نصت على “يكون تعيين الحارس بإتفاق ذوي الشأن جميعًا، فإذا لم يتفقوا تولى القاضي تعيينه. ويحدد الحكم الصادر بالحراسة ما على الحارس من إلتزام، وما له من حقوق وسلطة. وإذا سكت الحكم عن ذلك؛ فتطبق الأحكام الواردة في هذا النظام” بينما نصت المادة (211/4) من اللائحة التنفيذية على ” لذوي الشأن – مجتمعين- أن يطلبوا من الدائرة إقامة حارس، وعليها أن تستجيب لطلبهم وإن لم يكن هناك خطر عاجل”
القسم الرابع :- الحارس القضائي في مكتب المحامي محمد اليزيدي
الحارس القضائي يكون شخص طبيعي أو إعتباراً ويلقى على عاتقه العديد من المسئوليات وهو في حكم الموظف العام حيث يعمل لدى الدولة أما في إحدى المحاكم الشرعية، أو دوائر القضاء الإداري، وهو كذلك قد يكون يعمل لدى أحد الأجهزة ذات الشخصية المعنوية العامة كالهيئات أو اللجان ذات الطبيعة القضائية وبالتالي فإنه له آجر، ولقد نصت المادة (214) على “للحارس أن يتقاضى الأجر المحدد له في الحكم، ما لم يكن قد تنازل عنه.”
لأن الحارس القضائي مؤتمن وذو ولاية سلطانية جزئية بموجب حكم نافذ يمنحه إياه القاضي المختص فإنه يلتزم بالمحافظة على تلك الموال وهذا ما نصت عليه المادة (213) من نظام المرافعات الشرعي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 1) بتاريخ 22/1/1435 هجرياً، حيث نصت على “يلتزم الحارس بالمحافظة على الأموال المعهود إليه حراستها، وبإدارة ما يحتاج إلى إدارة من هذه الأموال، ويبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد، ولا يجوز له بطريق مباشر أو غير مباشر أن يُحِلَّ محله في أداء مهمته- كلها أو بعضها- أحد ذوي الشأن دون رضا الآخرين”
ولا يجوز للحارس أن يتصرف في المال إلا برضا أصحاب الشأن وهذا ما نصت عليه المادة (214) “لا يجوز للحارس- في غير أعمال الإدارة- أن يتصرف إلا برضا ذوي الشأن جميعًا، أو بإذن من القاضي”
على الحارس القضائي أن يلتزم بإمساك الدفاتر المنظمة وهذا ما نصت عليه المادة (217) “تنتهي الحراسة بإتفاق ذوي الشأن جميعًا أو بحكم القاضي، وعلى الحارس حينئذ أن يبادر إلى رد الشيء المعهود إليه حراسته إلى من يختاره ذوو الشأن أو من يعينه القاضي”
ختاماً :-
الحراسة القضائية والحارس القضائي | يعد القضاء من أشرف علوم الشريعة الإسلامية لأنه يضم الأصول والقواعد والفروع ويلجأ إليه الناس لرد حقوقهمالحراسة القضائية تعد من الإجراءات التي تحتاج إلى الجرأة في القرار وقوة في
الصدور وهي مصدر أمان يعزز من العمل القضائي بوحه عام،
ويسير به نحوه مقصده الأساسي وهو إقامة العدل بين الناس ورفع الظلم،
ولذلك فالحراسة هي جهد مضاعف من القاضي وتعد من العمل الذي ليس بالسهل حيث تحتاج إلى ميزان عقلي ونظامي وعلمي ويجتمع في وقت قصي حتى يتحقق التوازن عند اتخاذ قرار الحراسة، ومن هنا تأتي صعوبة الحراسة القضائية ولذلك يكون لقاضي كامل السلطة التقديرية في الحكم بفرضها أو رفضها من خلال فحص المستندات المقدمة إليه.