القضايا الإدارية في السعودية:
تنقسم سلطات الدولة لثلاث سلطات هم السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتعد السلطة القضائية من أهم السلطات في الدولة لأنها المنوط بها إقامة العدل وتحكم بين الناس ويقول الله -عز وجل- في كتابه الكريم “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا” ولأهمية دور السلطة القضائية عملت المملكة العربية السعودية على تطوير مرفق القضاء وتحديث أنظمته والتأكيد على استقلالية القضاء ولرد المظالم، لذلك قامت المملكة بإنشاء ديوان المظالم الذي يعد هيئة قضاء إداري مستقلة ولهذا أصدرت نظام ديوان المظالم الجديد بموجب المرسوم الملكي رقم (م/78) بتاريخ 19/9/1428 هجرياً، ونصت في المادة الأولى منه على “ديوان المظالم هيئة قضاء إداري مستقلة، يرتبط مباشرة بالملك، ويكون مقره مدينة الرياض.
ويتمتع قضاء الديوان وقضاته بالضمانات المنصوص عليها في نظام القضاء، ويلتزمون بالواجبات المنصوص عليها فيه. ” وأصدرت نظام المرافعات أمام ديوان المظالم بموجب المرسوم الملكي رقم (م/3) بتاريخ 22/1/1435 هجرياً، وبذلك يكون النظام القضائي بالمملكة العربية السعودية هو النظام المزدوج حيث القضاء العادي يختص بنظر المنازعات الناشئة بين الأفراد والقضاء الإداري يختص بنظر المنازعات التي تكون الدولة طرفاً فيها بوصفها سلطة ذات سيادة.
أولاً:- الاختصاص النوعي والمكاني
نصت المادة (8) من نظام ديوان المظالم الجديد بموجب المرسوم الملكي رقم (م/78) بتاريخ 19/9/1428 هجرياً على ” تتكون محاكم ديوان المظالم من الآتي:-
1- المحكمة الإدارية العليا.
2- محاكم الاستئناف الإدارية.
3- المحاكم الإدارية.
وتؤلف محاكم الاستئناف الإدارية من رئيس وعدد كاف من القضاة لا تقل درجتهم عن درجة قاضي استئناف.
وتؤلف المحاكم الإدارية من رئيس وعدد كافٍ من القضاة.
ويجوز لمجلس القضاء الإداري إحداث محاكم متخصصة أخرى بعد موافقة الملك. “
ونص في المادة (11) على ” تختص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في الاعتراضات على الأحكام التي تصدرها محاكم الاستئناف الإدارية، إذا كان محل الاعتراض على الحكم ما يأتي:
أ – مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية، أو الأنظمة التي لا تتعارض معها أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، بما في ذلك مخالفة مبدأ قضائي تقرر في حكم صادر من المحكمة الإدارية العليا.
ب – صدوره عن محكمة غير مختصة.
ج – صدوره عن محكمة غير مكونة وفقًا للنظام.
د – الخطأ في تكييف الواقعة، أو في وصفها.
ه – فصله في نزاع خلافًا لحكم آخر سبق أن صدر بين طرفي الدعوى.
و – تنازع الاختصاص بين محاكم الديوان. “
اذن تختص المحاكم الإدارية العليا بالفصل في كأفة المنازعات الإدارية التي تصدر عن محاكم الاستئناف الإدارية التي نص على اختصاصاها في المادة (12) بانها ” تتولى محاكم الاستئناف الإدارية النظر في الأحكام القابلة للاستئناف الصادرة من المحاكم الإدارية، وتحكم بعد سماع أقوال الخصوم وفق الإجراءات المقررة نظامًا. ” فتختص محاكم الاستئناف الإدارية باستئناف كافة المنازعات الصادرة من المحاكم الإدارية.
وفي المادة (13) نص على اختصاص المحاكم الإدارية ” تختص المحاكم الإدارية بالفصل في الآتي:-
أ- الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والعسكرية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم.
ب – دعاوى إلغاء القرارات الإدارية النهائية التي يقدمها ذوو الشأن، متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص، أو وجود عيب في الشكل، أو عيب في السبب، أو مخالفة النظم واللوائح، أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة، بما في ذلك القرارات التأديبية، والقرارات التي تصدرها اللجان شبه القضائية والمجالس التأديبية. وكذلك القرارات التي تصدرها جمعيات النفع العام – وما في حكمها – المتصلة بنشاطاتها، ويعد في حكم القرار الإداري رفض جهة الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقًا للأنظمة واللوائح.
ج – دعاوى التعويض التي يقدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة.
د – الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفا فيها.
ه – الدعاوى التأديبية التي ترفعها الجهة المختصة.
و – المنازعات الإدارية الأخرى.
ز – طلبات تنفيذ الأحكام الأجنبية وأحكام المحكمين الأجنبية.
إذن يقوم الاختصاص الولائي لديوان المظالم كالتالي: –
الدعاوى المتعلقة بالحقوق المقررة في نظم الخدمة المدنية والتقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة والأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة المستقلة أو ورثتهم والمستحقين عنهم.
1. دعاوى التعويض.
2. الدعاوى الخاصة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية.
3. الدعاوى المتعلقة بالعقودإذا كانت الدولة طرفاً فيها.
4. الدعاوى التأديبية.
بالنسبة للاختصاص المكاني فلقد نصت المادة الثانية من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم بموجب المرسوم الملكي رقم (م/3) بتاريخ 22/1/1435 هجرياً على ” يكون الاختصاص المكاني للمحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مقر المدعى عليه، أو مقر فرع الجهة المدعى عليها إن كانت الدعوى متعلقة بذلك الفرع، أو مقر عمل الموظف في الدعوى التأديبية”
اذن ينقسم الاختصاص المكاني كالاتي:-
المحكمة التي توجد في مقر المدعى عليه.
المحكمة التي توجد بمقر فرع الجهة المدعى عليها.
اذا كانت الدعوى تأديبية ترفع بالمحكمة التي توجد بمقر عمل الموظف.
ثانياً:- العيوب الشكلية
أكد نظام المرافعات أمام ديوان المظالم على مجموعة من الإجراءات الشكلية التي لا بد من مراعاتها حتى يتم قبول القضايا المعروضة على محاكم الديوان وحتى يتم قبول الدعوى الإدارية شكلاً يجب أن يتم مراعاة الشروط الجوهرية المنصوص عليها حيث نصت المادة (5) من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم على ” 1- ترفع الدعوى الإدارية بصحيفة يودعها المدعي أو مَنْ يمثله لدى المحكمة المختصة. ويجب أن تشمل الصحيفة البيانات المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية، مع مراعاة ما ورد في الفقرة (2) من هذه المادة، وأن يرافق صحيفة الدعوى ومستنداتها صور منها بعدد المدعى عليهم. ولمجلس القضاء الإداري عند الاقتضاء إضافة ما يلزم من بيانات ومرافقات أخرى لصحيفة الدعوى بقرار ينشر في الجريدة الرسمية.
2- يجب في الدعاوى المنصوص عليها في الفقرتين (أ) و (ب) من المادة (الثالثة عشرة) من نظام ديوان المظالم أن تتضمن صحيفة الدعوى تاريخ الإبلاغ بالقرار، أو العلم به، أو نشره في الجريدة الرسمية بحسب الأحوال وتاريخ التظلم ونتيجته
“
ونصت المادة (6) على ”
- تقيد الإدارة المختصة في المحكمة صحيفة الدعوى إذا كانت مستوفية المطلوب وفقاً للمادة (الخامسة) من هذا النظام، وإذا قررت عدم قيدها؛ لعدم الاستيفاء، فعلي طالب القيد استيفاء ما نقص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه بذلك، وإن لم يستوفِ ما طلب منه خلال هذه المدة عُدَّ الطلب كأن لم يكن. فإن قيدت الدعوى بعد الاستيفاء عدت مقيدة من تاريخ تقديم طلب القيد. على أنه يجب على الإدارة إثبات تاريخ طلب القيد في جميع الأحوال.
وتثبت الإدارة – بحضور مَنْ أودع صحيفة الدعوى – تاريخ الجلسة المحددة لنظرها، وتحيل الدعاوى إلى الدوائر وفقاً لقواعد يصدرها رئيس مجلس القضاء الإداري.
- تبلغ – بالإضافة إلى الجهة المدعى عليها – كلٌّ من وزارة المالية وديوان المراقبة العامة بموعد نظر الدعوى.
وإذا كانت تتعلق بشؤون الخدمة المدنية فتبلغ به وزارة الخدمة المدنية، ويجب ألا تقل المدة بين الإبلاغ وتاريخ الجلسة عن ثلاثين يوماً.
ولكل من وزارة المالية وديوان المراقبة العامة ووزارة الخدمة المدنية – بحسب الحال – أن ترسل وجهة نظرها إلى المحكمة الإدارية، أو أن تطلب الاشتراك في المرافعة، وذلك قبل موعد الجلسة بوقت كاف”
إذن من العيوب الشكلية التي لأتقبل الدعوى الإدارية بسببها هي:-
عدم احترام المدد النظامية، مثل المدد المتعلقة بدعوى الإلغاء والمدد المتعلقة بدعوى التعويض حيث حددها المنظم بعشر سنوات من تاريخ نشوء الحق المدعى به وإذا انتهت العشر سنوات دون تقديم الدعوى أو تقديم عذر شرعي تنقطع معه تلك المدة فإنه لا يتم قبول الدعوى.
عدم الصفة، حيث يعد من شروط قبول الدعوى أن يكون لأطرافها صفة معتبرة مثل أن يكون صاحب الحق المطالب به أو ممثل له أو أن يكون المدعى عليه له شأن بالدعوى، فإذا رفعت الدعوى الإدارية من غير ذي صفة يتم عدم قبول الدعوى شكلاً، حيث نصت المادة (7) على ” ترفع الدعوى التأديبية بإيداع صحيفتها وجميع أوراق التحقيق لدى المحكمة المختصة. ويجب أن تتضمن الصحيفة اسم الموظف، وصفته، ومقر عمله، والمخالفة المنسوبة إليه، ومكان وقوعها، وأدلتها، والنصوص النظامية المطلوب تطبيقها. “
عدم المصلحة، حيث لا بدمن توافر شرط المصلحة عند رفع الدعوى الإدارية وتحقيق المنفعة التي يسعى المدعى إليها.
رفع الدعوى قبل أوانها،حيث يعد من شروط قبول الدعوى الإدارية هو وجود المحل والحق المدعى به.
عدم استيفاء بيانات صحيفة الدعوى، يجب عند رفع الدعوى أمام ديوان المظالم أن يتم تضمين طلب رفع الدعوى الإدارية جميع البيانات الأزمةحتى يمكن التواصل مع أطراف النزاع وتعد البيانات من أركان الدعوى ويجب وجودها ولقد استقر قضاء محاكم ديوان المظالم على عدم قبول الدعوى شكلاً إذا تخلفت بياناتها.
عدم الاختصاص ، وهو الاختصاص الولائي حيث يتم تنازع الاختصاص بين محكمتين تتبع كل منهما نظام قضائي مستقل ،والاختصاص المكاني المرتبط بالموقع الجغرافي.
وأختم:-
لا يوجد دولة تستغنى عن وجود قوانين إدارية بها وسلطة قضاء إداري تنظم عمل الهيئات الإدارية والمؤسسات وتنظيم أعمال المرفق العام للمحافظة على مؤسسات الدولة وهيبتها ورعاية مصالح الأفراد، ولأن المملكة اتجهت إلى نظام القضاء المزدوج حفاظاً على مصالح الأفراد والسير على أسس الشريعة الإسلامية نصت على إنشاء نظام ديوان المظالم الذي يعد بمثابة هيئة القضاء الإداري لها ويختص بالمنازعات الإدارية ماعدا أعمال السيادة حيث نص في المادة (14) من نظام ديوان المظالم والتي عدلت بموجب المرسوم الملكي رقم (م/126) وتاريخ 14/9/1444 هجرياً هجرياً على ” لا يجوز لمحاكم ديوان المظالم النظر في الدعاوى المتعلقة بأعمال السيادة، أو النظر في الاعتراضات على ما تصدره المحاكم – غير الخاضعة لهذا النظام – من أحكام داخلة في ولايتها، أو ما يصدره المجلس الأعلى للقضاء ومجلس القضاء الإداري ومجلس النيابة العامة من قرارات”
ويعد تلك المادة مقتبسة من نظرية إعمال السيادة التي نص عليها مجلس الدولة الفرنسي حيث تعد فرنسا هي التي لها سبق في نظام القضاء المزدوج وجعل القضاء الإداري سلطة كاملة مختصة بالدعاوى الإدارية .