قضايا ومخالفات هيئة السوق المالية في السعودية
يعد سوق المال السعودي من أكبر الأسواق الناشئة في العالم حيث يصنف بأنه أكبر سوق مالي في العالم العربي والشرق الأوسط، لذا قد تم وضع نظام لهذا السوق ولهذا صدر نظام سوق المالية بالمرسوم الملكي رقم م/30 لعام 1424هجرياً، ومع ذلك يوجد هناك مخالفات وتلاعب في السوق، وفي هذا المقال سيتم توضيح اهم مخالفات هيئة سوق المال السعودي.
القسم الأول: – مخالفات وتلاعبات بالأسهم والأوراق المالية
بتاريخ 1/6/1441هجرياً الموافق 26/1/2020م ، صدر قرار عن لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية ضد كبار التنفيذيين في إحدى الشركات المدرجة ” بتعويض المستثمرين المتضررين بمبلغ قدره أربعون مليون ومائتان و أربعة عشر ألفاً ومائة وعشر ريالات وثلاث سبعون هللة.
حيث ورد عليهم مخالفات مرتكبة على أسهم الشركة أثناء مرحلة الاكتتاب في أسهم الشركة، حيث قاموا بالتلاعب في قيمة الورقة المالية العائدة للشركة في خلال أعوام 2008 م، 2009م، 2010م، 2011م، وهذا أثناء مرحلة الاكتتاب في الأسهم، وبذلك قاموا بمخالفة نص المادة السابعة من لائحة سلوكيات السوق حيث تنص علي “يحظر على أي شخص التصريح شفاهه أو كتابة ببيان غير صحيح يتعلق بواقعة جوهرية أو إغفال التصريح ببيان ملزم بالتصريح عنه بمقتضى النظام، أو اللوائح التنفيذية، أو قواعد السوق أو مركز الإيداع.
بما في ذلك المعلومات المالية، إذا كان التصريح بالبيان أو إغفال الشخص التصريح بالبيان المطلوب بهدف التأثير على سعر أو قيمة ورقة مالية، أو حث شخص آخر على شراء أو بيع ورقة مالية أو حثه على ممارسة حقوق تمنحها الورقة المالية أو الإحجام عم ممارستها، أو أي هدف آخر ينطوي على تلاعب أو تضليل
” بالإضافة إلى مخالفة نص المادة (49) الفقرة (أ) التي تنص علي “يعد مخالفا لأحكام هذا النظام أي شخص يقوم عمدا بعمل أو يشارك في أي إجراء يوجد انطباعا غير صحيح أو مضللا بشأن السوق، أو الأسعار، أو قيمة أي ورقة مالية، بقصد إيجاد ذلك الانطباع، أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة، أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أي حقوق تمنحها هذه الورقة، أو الإحجام عن ممارستها”
لقد قامت هيئة السوق المالية بإحالة حوالي 11 مشتبه بسبب تلاعبهم في تداولات أسهم وهذا لمخالفتهم نص المادة (49) وبالإضافة إلى مخالفة نص المادة الثانية الفقرة (أ) من لائحة سلوكيات السوق التي تنص على يحظر على أي شخص القيام أو المشاركة في أي تصرفات أو ممارسات تنطوي على تلاعب أو تضليل فيما يتعلق بأمر أو صفقة على ورقة مالية، إذا كان ذلك الشخص يعلم بطبيعة ذلك التصرف أو الممارسة، أو إذا توافرت أسس منطقية تتيح له أن يعلم بطبيعة ذلك التصرف أو الممارسة.
ولهذا تعمل هيئة السوق المالية على مراقبة الأداء دائماً ومحاولة لضبط مخالفات التلاعب في الأسهم والأوراق، وهذا ما حدث حيث فرض مجلس هيئة السوق في مارس 2014 م غرامات مالية بلغت 480 ألف ريال على احدى الشركات حيث قامت بإفشاء معلومات وبيانات سرية يحظر إفشاؤها قبل تزويد هيئة سوق المال بها وقامت بإعلان تلك المعلومات في احدى الصحف وهذا يعد مخالفاً لنص المادة (545) الفقرة (ج) التي تنص على “تعد جميع المعلومات والبيانات المشار إليها في الفقرات (أ/1، 2، 3) وب/3) من هذه المادة معلومات سرية. ويحظر على الشركة المصدرة – قبل تزويد الهيئة بهذه المعلومات والبيانات وإعلانها – إفشاؤها إلى جهات لا يقع على عاتقها التزام بالمحافظة على سرية المعلومات وحمايتها” بالإضافة إلى فرض غرامة مالية على شركة كبرى لمخالفتها نص المادة (41) الفقرة (أ) التي تنص على “لا يجوز للمصدر أو تابع المصدر أو متعهد التغطية أن يبيع أوراقاً مالية مملوكة لذلك المصدر قبل أن تعتمد نشرة الإصدار من الهيئة ويبدأ سريان مفعولها، ويشترط أن ترسل نشرة الإصدار المعتمدة إلى المشتري قبل تاريخ البيع وذلك حسب القواعد والتعليمات التي تصدرها الهيئة. ” ونص المادة (46) الفقرة (أ) التي تنص على “على الجهة المصدرة للأوراق المالية إبلاغ الهيئة خطيًّا، عند علمها بحدوث تطورات جوهرية قد تؤثر على أسعار الأوراق المالية المصدرة من قبلها. وإذا كان لها ورقة مالية متداولة في السوق، فيجب إبلاغ السوق بهذه التطورات خطيًّا.”
تعود أهمية سوق الأوراق المالية بالنسبة للأفراد والشركات لأنها: –
- سرعة تحويل الأوراق المالية الى نقود سائلة عند الحاجة.
- تسهيل عملية الاستثمار لجميع الفئات الداخلية.
- إتاحة الاستثمار للأفراد والمؤسسات على المدى القصير والمتوسط والطويل.
- التعرف على المراكز المالية للشركات من خلال إدراج الاوراق المالية في سوق الأوراق المالية .
- تمويل الشركات.
لهذا تعد أسواق المال من أهم حلقات الاتصال بين الادخار والاستثمار، وبالإضافة إلى أنها توفر أساليب جديدة لتمويل الشركات على عكس التمويل التقليدي كالبنوك ولذلك فأسواق المال هي من أهم وسائل ضخ الاستثمار وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية في الاقتصاد الوطني، ولكن البعض لا يلتزم بالشفافية في أسواق المال ويقوم بالتلاعب في الأسهم، ولقد سبق وأعلنت هيئة السوق المالية بقيام بعض الأفراد بالتداول بناءً على معلومات داخلية على أسهم عدد من شركات قطاع التأمين التي تشرف عليها المؤسسة خلال الفترة من 5/1/2015م إلى 18/1/2017م، ولقد تم تحويلهم إلى النيابة العامة وصدر بحقهم مجموعة من العقوبات مثل فرض غرامة مالية قدرها مائة وتسعون ألف ريال، وإلزامهم بدفع المكاسب التي تحققت بسبب تلك المخالفات، ومنعهم من التداول لأسهم الشركات المدرجة في السوق لحسابهم أو بالوكالة عن الغير لمدة سنة باستثناء التداول خلال صناديق الاستثمار لدى الأشخاص المرخص لهم، وهذا لمخالفتهم نص المادة (50) الفقرة (أ) من نظام هيئة سوق المال والتي تنص على “يحظر على أي شخص يحصل بحكم علاقة عائلية أو علاقة عمل أو علاقة تعاقدية على معلومات داخلية (يشار إليه بالشخص المطلع) أن يتداول بطريق مباشر أو غير مباشر الورقة المالية التي تتعلق بهذه المعلومات، أو أن يفصح عن هذه المعلومات لشخص آخر توقعا منه أن يقوم ذلك الشخص الآخر بتداول تلك الورقة المالية.
ويقصد بالمعلومات الداخلية المعلومات التي يحصل عليها الشخص المطلع، والتي لا تكون متوافرة لعموم الجمهور، ولم يتم الإعلان عنها، والتي يدرك الشخص العادي، بالنظر إلى طبيعة ومحتوى تلك المعلومات أن إعلانها وتوافرها سيؤثر تأثيرًا جوهريًّا على سعر الورقة المالية أو قيمتها التي تتعلق بها هذه المعلومات، ويعلم الشخص المطلع أنها غير متوافرة عمومًا وأنها لو توافرت لأثرت على سعر الورقة المالية أو قيمتها تأثيرًا جوهريًّا.”
القسم الثاني: – تحقيق النزاهة والشفافية في سوق الأوراق المالية السعودي
النزاهة هي البعد عن السوء وترك الشبهات والشفافية هي الوضوح التام والشفافية في سوق المال هو توفير الشركة للبيانات المالية والغير مالية بصورة حقيقية عن المركز المالي للشركة وجميع العمليات الأخرى، وعدم حجب المعلومات وتوصيل المعلومات للكافة بالإفصاح عن النتائج المالية ونتائج الأداء وأهداف الشركة وأصحاب أسهم الأغلبية وحقوق التصويت وإعداد المعلومات والمراجعة المحاسبية.
قام النظام السعودي منذ نشأته على تبني مفهوم حماية الشفافية في أسواق المال، فنص على حماية الشفافية في بعض التشريعات المتفرقة في أنظمة الشركات وغسل الأموال ومكافحة الغش التجاري، ونظام السوق المالية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م/30) بتاريخ 2/6/1424هجرياً، ولقد نص في النظام على فصل الدور الرقابي والإشرافي في السوق المالية وأنشأ هيئة السوق المالية وهي الهيئة الرقابية الإشرافية للسوق المالية وأنشأ لجنة الفصل في المنازعات الأوراق المالية وهي اللجنة المختصة بالفصل في المنازعات التي تقع في نطاق أحكام نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، وتعد هيئة السوق المالية هيئة حكومية ذات استقلال مالي وإداري ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء وتعمل على توفير مناخ ملائم للاستثمار في السوق والتأكد من إلتزام الشركات المساهمة المدرجة في السوق بالإفصاح والشفافية وحماية المستثمرين والمتعاملين بالأوراق المالية.
كما أصدرت هيئة السوق المالية السعودية لائحة سلوكيات السوق ولائحة حوكمة الشركات من أجل حماية النزاهة في إطار الشفافية داخل السوق المالية ولقد أهتمت بالممارسات والتصرفات التي تحتوى على التلاعب أو التضليل داخل السوق.